الوصف
البؤساء في عصور الاسلام – يستعرض الكاتب في هذا الكتاب مجموعة من المفكرين الذي حطت عليهم من بؤس الحياة ثيابها .منهم الفارابي والخليل احمد والترمذي والقاضي عبد الوهاب وابن بسطام وابن الخياط وغيرهم .
يقول المؤلف:
بينما تخلق الطفل فلا يمكث غير يوم، وآخر يقضى عليه وهو جنين، وغيره يعيش أعواماً، وذاك يفقد أبويه فيعيش يتيماً أو لطيماً فيسعد أو يشقى. وهذا قد عاكسه القدر فبلغ من العمر أرذله وهو سقيم فقير الحال يهرب منه من يراه. ثمَّ نجد شيخاً قد بلغ منتهى الأجل وهو في بسطة من العيش يرتع في بحبوحة الغنى لا يعرف للفقر اسماً، ولا للذلّ رسماً ثمَّ يموت وهو سعيد مرزوق، والسعد طوع أمره. وحيناً ننظر إنساناً تنغصّت عليه حياته ونبذته الأيام فعاش شقياً ومات محروماً. وكما نبصر هذا نجد آخر يسعد تارة، ويفتقر أخرى. ثمَّ إذا أمعنّا النظر يتضح لنا أنّ كل ذي فكرة وقَّادة وعقل سليم، لا يخلو من ضنك وبؤس. بينما نجد الأبكم الجاهل يمرح في بحبوحة النعم. سبحانك جلّ شأنك كأنك حاسبت القوم على قدر عقولهم، هذا بجهله وذاك بعلمه.. وهكذا كان. يسعى البائس وهو العالم الكاتب الفيلسوف الحكيم العاقل المهذب فيشقى بسعيه، ويحرم من كدّه، وكلما وجّه أنظاره شطر جهة أُغلقت أمامه أبواب رزقه، وكلما أكدى وتعب كلّما نأى حظه، وغاب سعده وكان نصيبه الإملاق والحرمان.
إني تركت لذي الورى دنياهم
وظللت أنتظر الممات وأرقب
وقطعت عن نفسي المطامع ليس لي
ولد يموت ولا عقار يخرب