الوصف
الحلاج – نظر «صاحب الحكاية» إلى الناس الذين تجمعوا في ساحة «خرسان» ليبنوا مقامًا للحلاج في مكان قتله، وعلى الأرض التي ارتوت بدمائه، ليكون شاهدًا على روحه التي صعدت في غفلة منهم بعد أن أعماهم القاضي «البغدادي» عن الحقيقة، فكان قتله أيقونة علقت في عنق التاريخ، بعد أن رأت «غوث» أم «المقتدر» بأن صاحب الأسرار خطر على حكم ابنها الصبي الذي يجلس مع ألعابه الخشبية أكثر من جلوسه على عرش الرعية، فالعامة يجتمعون حول الحلاج القريب من قلوبهم، وعقولهم ولا يلتفتون لقصر الخليفة ولا لمن هم فيه، فكان له من ذيوع صيت، وعلو شأن، أمامه خرّ قصر «المقتدر» واستوى والأرض، فما كان من القاضي «البغدادي» إلا أن قضى عليه بالكفر، بعد أن وقف على ما ينطق به من كلمات يؤولها ويفسرها للعوام بظاهر الكلم، وتغافل الفحوى والمقصد، فأخذ يشيع أن في كلماته كفرًا بالشواهد والبرهان، فهو القائل « كفرت بدين الله والكفر عند المؤمنين حرام»، فضرب على عقول العوام بأن «حسين بن منصور الحلاج» كافر وخارج عن الملة، وحُق عليه التنكيل والقتل، فقبض عليه الجند ونصبوا له منصة القتل، فرجموه بالحجارة في اليوم الأول، لكنه لم يتأوه، أو يعبر عن آلامه بل فرح بهبتهم، وغيرتهم على دين الله، حتى ولو كانوا مغيبين عما يراه من حقائق الوجود في رحاب غير الرحاب، وما الجسد إلا برزخ للعبور إلى الآفاق