الوصف
السفينة قبل نوح- فك شفرة قصة الطوفان في ضوء الاكتشافات الآثارية بعد عام 2000 – لا شيءَ من بين جميع الإنجازات العظيمة التي عادت بالنفع على البشرية يتفوَّق على اختراع الكتابة، هذه الوسيلة الرائعة التي نعدُّها جميعاً أمراً مفروغاً منه، وقد ظهرت بقدر ما يعلِّمنا علم الآثار في قلب بلاد ما بين النهرين القديمة، بين نهري دجلة والفرات، أرض العراق اليوم لأوَّل مرَّة، فكانت، كما تبلوَرت خلال الألفية الرابعة قبل الميلاد، نظاماً رائعاً من العلامات الموحَّدة التي تحفظ صوت الكلمات واللغة و”تعيد قراءتها” وفهمها، كان ذلك يعني، فجأة، أنه يمكن تسجيل الأفكار والخبرات، ونقل المعرفة والحفاظ على التاريخ، فلقد انتهى عصر ما قبل التاريخ.
بدأت الكتابة في بلاد ما بين النهرين بعلاماتٍ تصويريةٍ بدائية، وتطوِّرت إلى رموزٍ مسماريةٍ كاملة على شكل إسفين، مطبوعةٍ على ألواح، مصنوعةٍ من الطين من ضفاف نهري دجلة والفرات، ولم يمرّ وقتٌ طويل، حتى تمكَّن هذا النظامُ المرنُ القابل للتكيُّف من توصيل المفردات والقواعد، وتركيب الجمل للغتين المتميزتين المستخدمتين معاً في بلاد ما بين النهرين: اللغة السومرية القديمة، وهي أقدم لغة معروفة، لا علاقة لها بأية لغة، والأكدية القديمة، وهي لغة سامية مرتبطة بالعبرية والعربية الحديثة.