الوصف
الشيعة في زمن المغول- شخصيتان من ذاك الزمان- نصير الدين الطوسي و رضي الدين بن طاووس – شكّلت واقعة سقوط الدولة العباسية واحتلال بغداد ، منعطفاً كبيراً في مسيرة تاريخ المنطقة العربية والإسلامية بشكل عام والعراق بشكل خاص وأيضاً نقاطَ خلافٍ كبيرةً بين القطبين ـ الشيعة والسُّنّة ؛ ذلك أنّ العديد من الكتّاب السُّنّة يقولون بأنّ الشيعة هم من جلب هذا البلاء على بغداد، ولولا نصير الدين الطوسي وابن العلقمي ما كانت بغداد لتسقط. يكتب المؤلفون الشيعة أنّ دور نصير الدين الطوسي كان عظيماً؛ إذ حفظ به بيضة الإسلام من الدمار. وهذا التناقض ما بين السُّنة والشيعة يدفعنا للتساؤل عن دقّة وصدقيّة أقوال الطرفين. أمّا الجواب فسوف يتّضح في طيّات هذا الكتاب
إنّ قرار اجتياح بغداد كان قراراً مغولياً مركزياً قد اتخذ في الصين. يقول المؤلف في هذا الكتاب «إنّ نصير الدين ليس مجرد منارة للعلم والمعرفة أخذها معه الغازي المدمّر لسبب مزاجي أو لآخر، بل يبدو أنّه في كثير من الأحيان تلك الروح الشريرة التي قامت بدفع هولاكو للتعجيل في غزو بغداد. لا شكّ في أنّ احتلال بغداد كان مقرراً ضمن الحملة المغولية؛ وقد تمّ أيضاً بأمر صريح من الخان الأكبر منغو».
يقول المؤلف في هذا الكتاب:
« يتطلب البحث عن المادة التي قد يكون الإسلام قد تبنّاها، خلال دخوله إلى العالم الأوسع، من عالم الأفكار القائم آنذاك، فهماً معمقاً للإسلام ولما عاصره من أفكار. مع عدم إهمالنا للقوى التي تمكنت من الانطلاق من الإسلام الأولي ذاته. لا نستطيع هنا بحث مشكلة الشيعة كظاهرة دينية تاريخية إلا سطحياً فقط». يستدعي البحث عن المادة التي قد يكون الإسلام قد تبناها – خلال دخوله إلى العالم الأوسع، وانتشاره من عالم الأفكار القائم آنذاك – فهماً معمقاً للإسلام ولما عاصره من أفكار. مع عدم إهمالنا للقوى التي تمكنت من الانطلاق من الإسلام الأولي ذاته، فإنه لمن المفيد أن نطرح مثل هذه الأفكار بصيغة السؤال على الأقل: هل كان الإسلام فصلاً من فصول التاريخ الكنسي أم هل كان الصيغة الشرقية للحضارة الهيلينية أم إنه ردّ الشرف على كليهما، أي على الكنيسة وعلى الفكر الإغريقي؟ ينتمي إلى الجواب أيضاً جزؤه النافي، أي عرض التصورات التي لم يستطع تطويرها ذاتياً ولم يشأ تمثلها، بحيث بقيت خارج الإطار العام للدولة، وبقيت القوة الدينية في دوائرها الخاصة، – أي الأغلبية السُّنية – الأرثوذكسية، تعتبرها مجرد «طوائف».
فيما يلي سأحاول، استناداً إلى مصادر «الفرقة» الأصلب والأقوى من الناحية العددية للشيعة الاثني عشرية، تقديم بحث للتعرّف على نظرتها إلى الحياة وعلى ممارسة هذه الحياة في دائرة الآخرين. أما كتابة تاريخها وتاريخها الديني، ودراسة طبيعتها الداخلية بصورة موثوقة ومفصلة، فهي لم تزل في الوقت الحاضر في ألمانيا غير ممكنة لأسباب خارجية. كما أن الدراسة الجزئية الصغيرة التي سنقدمها هنا تعاني من نقص، إذا ما أخذنا بعين النظر الكم الهائل للمراجع الشيعية التي لم تزل غير متاحة، وهذا يؤدي الى نقص كبير في المصادر.