الوصف
تاريخ العرب قبل الإسلام – يرى الأصمعي في هذا الكتاب أنَّ تاريخ العرب يبدأ من أولاد هود، وكأنَّه يحاول بذلك تحديد تاريخ بروز كلمة “العرب” بعصر أولئك الأولاد.
وإذا أردنا الرجوع إلى علماء اللغة لتحديد تاريخ بروز تلك الكلمة ومعناها الذي تدلُّ عليه لم نجد لديهم جواباً شافياً أو شيئاً من العناية العميقة في هذا الموضوع، بل كان خلاصة قولهم: إنَّه “اختلف الناس في العرب لمَ سمّوا عرباً، فقال بعضهم: أوَّل من أنطلق الله لسانه بلغة العرب ابن قحطَان وهو أبو اليمن كلهم، وهم العرب العاربة، ونشأ إسماعيل بن إبراهيم عليهم السلام معهم فتكلم بلِسِانهم، فهو وأولاده: العرب المستعربة، وقيل: إنَّ أولاد إسماعيل نشؤوا بعربة – وهي من تهامة – فنسبوا إلى بلدهم، ورُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: خمسة أنبياء من العرب وهم محمد وإسماعيل وشعيب وصالح وهود صلوات الله عليهم.
وهذا يدلُّ على أنَّ لسان العرب قديم، وهؤلاء الأنبياء كلهم كانوا يسكنون بلاد العرب… وكل من سكن بلاد العرب وجزيرتها ونطق بلسان أهلها فهم عرب يمنهم ومعدُّهم، قال الأزهري: والأقرب عندي أنَّهم سمّوا عرباً باسم بلدهم – العربات -” تتبعوا تاريخ الكلمة، وتتبعوا معناها في اللغات الساميّة، وبحثوا عنها في الكتابات الجاهلية، وفي كتابات الآشوريين واليونان والرومان والعبرانيين وغيرهم، فوجدوا أنَّ أقدم نص ورد فيه اسم “عرب” هو نص آشوري يعود إلى أيام الملك “شلمنصر الثاني” ملك آشور، وقد تبين أنَّ هذه الكلمة لم تكن تعني عند الآشوريين ما تعنيه عندنا من معنى، بل كانوا يقصدون بها مشيخة كانت تحكم في البادية المتاخمة للحدود الآشورية.
ووردت في الكتابات البابلية جملة “ماتوأربي”، ومعنى “ماتو” أرض في الآشورية والبابلية، فيكون معنى “أرض آربي” أرض العرب، وتدلُّ لفظة “أرب” في العبرانية على البداوة، أي أنَّها تعطي معنى “بدو” أو “أعراب” أو “البادية” أو “سكان البادية” وهي لا تعين قومية أصحابها، وهو المعنى الأصلي لهذه الكلمة في جميع فروع اللغات السامية، ولم تتخصص الكلمة عند العبرانيين إلا في العهود المتأخرة، ففي كل المواضيع التي وردت فيها في سفر أشعياء مثلاً قصد بها البداوة والأعرابية، ولم ترد اسم علم في التوراة إلاَّ منذ أيام أرميا فيما بعد، فورد في سفر أرميا: “وكل ملوك العرب” وهو ما يفهم منه العلمية والتخصيص.
وفي التلمود أريد بالعرب “الأعراب” كذلك، أي نفس المعنى الذي ورد في الأسفار القديمة من التوراة، وجعل “العربي” في بعض المواضع مرادفاً لكلمة “إسماعيلي”.
231 pages, Paperback