Availability: In Stock

دراسة في سوسيولوجيا الاسلام

SKU: 9789933493264

EGP 510.00 EGP 459.00

متوفر في المخزون

الوصف

دراسة في سوسيولوجيا الاسلام – قام بعض علماء الاجتماع بدراسة الآثار الاجتماعية للمعضلة فيما يخصّ الديانة المسيحية . ولكن حسب علمي لم يقم إلى الآن أي شخص بدراسة تلك الآثار وعلاقتها بالإسلام.
يبدو لي أن المعضلة لعبت دوراً أكبر في تاريخ الإسلام منه في تاريخ المسيحية. في الواقع إن الإسلام كما يبين ستروثمان هو ظاهرة سياسية ــــ دينية . إنه يختلف عن المسيحية في حقيقة «أنه تجسيد لنظام كامل للحياة» . إنه لا يقول «اعط ما لقيصر لقيصر وما لله لله» بل إنه يؤمن بأن قيصر هو وكيل الله في الأرض وكلاهما (قيصر والله) يعملان سوية من أجل الغرض نفسه. لذلك فليس من المستغرب أن نرى صراعاً عميقاً ينشأ في مراحل مبكرة جداً من تاريخ الإسلام بين تعاليم الله وتعاليم قيصر، أي بين المبادئ الدينية والمصالح الدنيوية، أو بين «المثالي» و«الواقعي» كما أفضّل أنا أن أستخدم هذه المصطلحات في هذه الدراسة.
كان أول خلاف طائفي نشأ في المجتمع المسيحي الأول يدور حول ماهية المسيح والرب ، وهو خلاف ناجم عن تفكير غيبي ميتافيزيقي بحت. إزاء ذلك اضطرب المجتمع المسلم وكادت أصوله ترتج بُعيد وفاة النبي جراء صراع سياسي واجتماعي حدث بين الناس المثاليين المتمسكين بقوة بالقيم الدينية، بغض النظر عمّا كان يجري في المجتمع من طرف وبين أولئك الذين تأثروا بصورة رئيسية بالميول الواقعية والمصالح الدنيوية للمجتمع المسلم من الطرف الآخر.
يبدو لي أن هذا الصراع بين المثالية والواقعية ــــ أو كما يطلق عليه علماء الاجتماع «معضلة الكنيسة» ــــ ليس محصوراً بحقل الدين، بل يمكن أن يوجد في حقول أخرى من المجتمع البشري . أظن أن هذه المعضلة هي حتمية الوقوع أينما وجد أي نوع من أنواع المثالية في عقول الناس.
يرى البروفسور فون وايس أن هذا التقاطع يوجد بين النطاقات المثالية والواقعية فقط في البنى الاجتماعية بصورة حصرية؛ وأن التجمعات الإنسانية كالعائلة والعشيرة والتجمعات البشرية هي نتاج لنوع آخر من التقاطع. وليس بالضرورة أن تتميز هذه التجمعات بميول جماعية، بل إن ما يميّزها هو التعاون الوثيق بين القوى البيولوجية والاجتماعية .
أنا أعتقد أنه حتى في هذه المجاميع الحيوية الاجتماعية التي يذكرها وايس يمكن أن توجد المعضلة لحدٍّ ما. حتى بين الإخوان في العائلة الواحدة يمكننا أن نرى أحياناً نوعاً من المشاكل تنتج عن النزاع بين النموذج المثالي للعلاقات الأخوية التي يضعها المجتمع وبين المصالح الواقعية التي تضع أحد الأخوة ضد الآخر.
بصـورة عـامـة فإن واحـدة من الاخـتـلافـات بين الإنسـان والـحـيـوان تكـمـن في أن الإنسـان يمـتـلـك دائمـاً نوعـاً مـا من المُثـل نصـب عـيـنـيـه، ويحـاول جـاهـداً الـوصـول إلـيـه. غـيـر أن الـنـقـطـة الـتـي يجـب أن نـتـذكـرهـا هـنـا هـو أن ليـس جـمـيـع الـبـشـر متساوون في نزعتهم المثالية، فبعضهم يكون أكثر مثالية من غيرهم لأسباب لا يسع المجال هنا لمناقشتها. وهنا يكمن ــــ حسبما أظن ــــ المصدر الرئيسي للمعضلة: وهي أن الصراع غالباً ما يقع بين الأشخاص الذين يشدِّدون بصورة رئيسية على التكامل المجرد التي يتوجب صياغة المجتمع الإنساني على ضوئها والأشخاص العمليين الذين يتبعون النزعات الواقعية في المجتمع. يقول غويدو دو روغييرو:
بالـمـعـنـى الـشـائع، يـعـنـي مصـطـلـح الـمـثـالـيـة المـيـل إلى مـعـارضـة الـصـور الـعـقـلـيـة (الأفـكـار والـمُـثُـل) لصـالـح الـواقـع الـتـجـريـبـي وإعطـاءه موقـعـاً ودوراً مـهـيـمـنـاً في مـيـزان الـقـيـم الإنـسـانـيـة. بـمـا أن الأفـكـار والـمُـثُـل بطـبـيـعـتـهـا مـسـتـقـلـة قـدر الإمـكـان عن محدودية وعيوب الواقع التجريبي ولديها على الأقل الطموح إلى نيل ما هو الكامل والمطلق، يتبع ذلك أن المثالية في المفهوم الشائع تقود الإنسان للعيش في عالم مثالي بعيداً عن ما يعتبره الناس غالباً واقعاً شائعاً ويكون غير مبالٍ ومزدرٍ لهذا العالم الأدنى. وحتى في المعنى الفلسفي ينسب إلى المثالية الميول نفسها لمنح التصورات الروحية على طبيعة الإنسان والتجربة الإنسانية .

معلومات إضافية

المؤلف

دار النشر

الوراق للنشر والتوزيع

عدد الصفحات

208

المقاس

21*14