الوصف
ذكريات عراقية -عن الكفاح والاحباط والارادة والامل – هذه الذكريات والخواطر الَّتي بين أيديكم تتعلّق بما اعتبرته القسم الأوّل من حياتي منذ ولدت في بداية عام 1928 في البصرة الفيحاء حتَّى مغادرتي العراق للعمل في منظمة الصحة العالمية في أواخر عام 1969.
وقد تنقلت منذ تلك السنة خارج العراق للعمل في مصر واليمن ثمَّ مصر وأخيراً جنيف (سويسرا) حيث قرّرت الإقامة الدائمة فيها منذ عام 1983 حتَّى اليوم (3 كانون الثاني / يناير 2017).
وآمل أن تمكنني قدراتي الصحية والذهنية من إتمام ذكرياتي وخواطري، وذلك بكتابة القسم الثاني المتعلّق بحياتي وتجربتي في منظمة الصحة العالمية حتَّى نهايات القرن السابق وما بعدها، أي منذ عام 1970 حتَّى الآن.
وقد كتبتُ مجمل الذكريات نقلاً عن ذاكرتي الشخصيّة، ولذلك لن أستغرب وقوع أخطاء في ما دوّنته من تواريخ وأسماء، وحتى في سرد وقائع بعض الأحداث. فأرجو قبول اعتذاري عن أي خطأ من هذا النوع.
لقد بدأت كتابة هذه الذكريات وأنا في أواخر الثمانينات من عمري إذ شعرت أولاً بالرغبة في أن أترك لأبنائي وعائلتي وأصدقائي، بشيء من التفصيل، شيئاً ممّا تحفظه ذاكرتي عن سيرتي وما مرّ بي في حياتي من أحداث بحلوها ومرّها.
وعندما أخذت بالكتابة لم أستطع الاكتفاء بسرد الحوادث فقط، بل وجدتني أعلّق عليها بما عنّ لي وعلى طريقتي الخاصّة، فتوسّع «المشروع» قليلاً، إذ أنني بطبيعتي من هواة سماع القصص والأمثال وروايتها. ولعل ما كتبته يصلح لمشاركة الآخرين في قراءته والاطلاع على محتواه.
وأحسب أنَّ ما مرّ بي في حياتي من أحداث وتغيّرات من كافة النواحي الاجتماعيّة والسياسية والثقافية والعلمية ليس بالقليل، وقد انعكست الأحداث الَّتي مرّت بالعراق وشعبه في تلك الفترة من الزمن، على مرآة ذاتي، انعاكاساً قوياً تحت شمس بغداد المتوهّجة، فتركت آثارها وندوبها.
لقد روى لنا آباؤنا ما عاصروه من أواخر سنوات حكم الأتراك العثمانيين في القرن العشرين، وشاء نصيبي في الحياة أن أولد في بدايات تأسيس الحكم الملكي الَّذي ترعرعتُ معه وعايشت سنوات الحرب العالمية الثانية وما تبعها من تطوّرات كبرى، سياسية واجتماعية في العراق والمنطقة والعالم، وما تلاها من أحداث جسام في العراق بسقوط العهد الملكي وقيام الحكم الجمهوري الَّذي عايشته بتقلّباته العسكرية وكبواته، وذلك حتَّى عودة حكم البعث الثاني، وما صابحه وتلاه من حروب وأهوال يواجهها العراق حتَّى هذه الساعة.
ومن حسن حظّي أنني عايشت أيضاً عصر انطلاق الكومبيوتر والتطورات الهائلة الَّتي صاحبته وأعقبته في مختلف العلوم والفنون، ثمَّ عصر التقدم والتوسع العظيم في أنظمة الاتصالات. كما كان من نصيبي في الحياة أن أكمل الدراسة الجامعية (كلية الطب) وما بعد الجامعية للاختصاص خارج العراق، ثمَّ العمل طبيباً في الحكومة والشركات الأجنبية والعيادة الخاصة في بلادي، لأنتقل بعدها للعمل في الأمم المتحدة (منظمة الصحة العالمية) ما يقارب الثلاثين عاماً.