الوصف
عالم الاسلام – تاريخ -عقيد فقه – من أجل فهم التطورات يجب فهم تاريخ الإسلام. فهو يُبيِّن نقاط الضعف لدى دُوَلِه التي من الصعب أن تُسمَّى دولاً لأنَّها تفتقر إلى العلامة الرئيسة للدولة، ألا وهي سيادة القانون. ففيها يسود فكر الشريعة، فكر انعدام الحقوق وانعدام القانون. وفي هذا الفكر مات كل شيء. ولقد تمكنت الإمبراطورية العثمانية من البقاء فترة أطول لأنَّها كانت تعيش إلى جانبها فكرة القومية التركية التي أدَّت إلى تلاحم الجماعات التركية المختلفة. والحزب الذي حقَّق النصر الآن يعود الفضل في انتصاره إلى الانتعاش الجديد للفكر القومي.
ولذلك فإنَّ العالم الغربي له مصلحة خاصة في التحولات الجارية في معظم البلدان الإسلامية لأنَّها توفر الشروط اللازمة للتوسع الاقتصادي. فنحن لدينا كثير من القوى الخلَّاقة بحيث إنَّنا نحتاج دوماً إلى أسواق جديدة لتصريف منتوجاتنا، وفي الوقت نفسه إلى مزيد من المواد الأولية. والشعوب الإسلامية في آسيا وأفريقيا هي هدف بالغ الأهمية. ولكن لكي نستفيد من هذه الشعوب يجب أن نتعرف عليها، يجب أن نعرف التصورات التي تحدّد عقلية الدولة والمجتمع. والمعلومات التاريخية الصرفة هي وسيلة غير كافية لمعرفة أُمَّة من الأُمم. بل إنَّ الأساس هو العقيدة والحقوق. وأمَّا العقيدة فهي أقل أهمية لأنَّها لا تشغل بال المسلم العادي، ولأنَّها تتمثَّل في المقولة الموجزة التي لا تتطلب كثيراً من التفكير والتعمُّق، ألا وهي شهادة أن لا إله إلَّا الله وأنَّ محمَّداً رسول الله. أمَّا الحقوق، أي الفقه، فهي تلامس جميع جوانب حياة المسلم وتُحدِّد واجباته تجاه الله وتجاه الناس وجميع تصرفاته وحتى الحميمية منها. ولذلك سنركِّز بشكل خاص على عرضها. وسيستند هذا العرض إلى المراجع الأصلية، لكنَّه سيلقي الضوء على الحياة الحقوقية الإسلامية بواسطة التطور التاريخي وبواسطة المقارنة الحقوقية. وسنبدأ أولاً بعرض لتاريخ مؤسس الدِّين الإسلامي وللتحولات التي طرأت على هذا الدِّين. وسنقدِّم في الختام فكرة عن المجتمع الإسلامي. كما وسنُقدِّم ملاحظات تاريخية وإحصائية عن انتشار الإسلام خدمة لأغراض عملية. وأخيراً سنستخلص النتائج ونرسم الحدود التي سيتحرَّك ضمنها المستقبل.
