الوصف
عالم الذباب – يقول عالم الاجتماع د علي الوردي
لم يهتمّ ”أهل الحديث“ بالتحقّق من نصوصّ ”الأحاديث“ ليروا فيما إذا كانت معقولةً ومنطقيّةً أو لا. وسبق أن أشرنا إلى أنهم كانوا يرون أن قوانين المنطق لا يمكن أن تطبّق على ”أحاديث“ النبيّ، لأن تلك ”الأحاديث“، برأيهم، خارج نطاق عالم الفكر البشريّ. ولأن الله هو الذي أوحى بها إلى النبيّ، فلا يجوز أن يتحقّق منها الإنسان بعقله المحدود. وبالتالي اقتصرت مهمّة ”أهل الحديث“ على التحقّق من صدق رواة ”الأحاديث“ وليس ”الأحاديث“ نفسها؛ أيّ أن مهمّتهم كانت التحقّق من صحّة ”الأحاديث“ وليس من منطقيّتها ’إلاّ أنهم تناسوا أن منطقيّة الأحاديث ـ بعد التحقّق من صدق حَمَلَة ”الأحاديث“ ـ يمكن أن تؤخذ بنظر الاعتبار أيضًا، بطريقة غير مباشرة أو غير واعية.
وعُمومًا، رفض ”أهلُ الحديث“ ”الأحاديث“ التي ذكرها صنفان من الأشخاص: الكاذبون والمنحازون، وصنّفوا رواة ”الأحاديث“ إلى درجات، على أساس صدقهم وأمانتهم الشخصيّة من جهة، وتحيّزهم أو تحزّبهم لفِرق ضالّة أو جماعات لا تتمتّع بشعبيّة من جهة أخرى. وبذلك، يتحقّقون من صحّة ”الأحاديث“من زاوية منظومة منطقهم أو مسلّماتهم الذهنيّة، وكلّ مَن يميل إلى رواية ”أحاديث“ تتعارض مع توجّهاتهم، كانوا يصفونه بالكاذب أو المتحيّز، وبالتالي غربلوا ”الأحاديث“ بطريقة استُبعدت فيها جميع ”الأحاديث“ ما خلا ما يتلاءم منها مع أحكامهم في المنطق والعقل.
يقو الرصافي في كتابه :
نذكر لك أولاً نص عبارة الحديث الذي ذكره الدكتور في رسالته:
عن أبي هريرة «إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه ثم لينزعه، فإنّ في أحد جناحيه داء، وفي الآخر شفاء وأنه يتّقي بجناحه الذي فيه الداء».
وفي روايتي النسائي وابن ماجه: «إنّ أحد جناحي الذباب سم، والآخر شفاء، فإذا وقع في الطعام فامقلوه فإنّه يقدم السم ويؤخر الشفاء».
هذا ما ذكره الدكتور في رسالته. ونذكر نحن الروايات الآتية نقلاً عن شرح البخاري للعيني:
«إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه، فإنّ في إحدى جناحيه داء، والأخرى شفاء».
ونقلاً عن شرح البخاري أيضاً للعيني:
«إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه كلّه ثم ليطرحه فإنّ في إحدى جناحيه شفاء وفي الآخر داء».
ونقلاً عن الجامع الصغير للسيوطي هكذا:
«إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه ثم لينزعه فإنّ في إحدى جناحيه داء وفي الأخرى شفاء».
رواه البخاري وابن ماجه عن أبي هريرة.