Availability: In Stock

عن تاريخ تطور الصلاة والشعائر الإسلامية –

EGP 615.00

متوفر في المخزون

الوصف

عن تاريخ تطور الصلاة والشعائر الإسلامية – – إذا ما أجرينا مقارنة معمقة بين الشرع الإسلامي والشرع اليهودي يتبيَّن لنا وجود تطابق كبير بين النظامين. ولا يقتصر هذا التطابق على جوانب منفردة تمَّ إبرازها مراراً وتكراراً فيما قبل، بل إنَّ مجموعات كاملة من تصورات، وبالتالي أحكام، الشرع الإسلامي متقاربة مع التصورات والأحكام اليهودية إلى درجة أنَّه من غير الممكن أن يكون هذا التقارب قد حدث بصورة مستقلة، بل إنَّ الدين الأحدث، أي الإسلامي، يجب أن يكون قد أخذ عن الدين الأقدم، أي اليهودي.
وهذا لا يقتصر على الشرع الإسلامي فقط، كما كان في زمن النبي محمَّد، بل يشمل أيضاً التطور والتشكل الذي اتخذه فيما بعد والذي يمكننا متابعة مساره التاريخي بصورة خاصة من الأحاديث النبوية. لم يكن محمَّد وحده قد توفرت له الفرصة للتعرّف على الممارسات اليهودية في المدينة، وإنَّما فيما بعد أيضاً – خلال كامل مسار التطور والتشكل الذي طرأ على الشرع الإسلامي – كان لليهودية تأثير فعَّال على الشرع الإسلامي. ففي فلسطين، وعلى الأخص في العراق، كانت هناك تجمعات يهودية مزدهرة كانت غنية بالحياة الفكرية النشيطة؛ ذلك أنَّ انتشار الإسلام أحدث في أوساط اليهود في بلاد الرافدين فترة ازدهار على الصعيد السياسي وعلى الصعيد الفكري الديني على حدٍّ سواء ولعلَّ المنشقين اليهود قد ساهموا بصورة فعَّالة في نقل الأفكار والتصورات اليهودية إلى عالم الإسلام.
يمتد تأثير القانون الديني اليهودي ليشمل ليس فقط المفاهيم الأساسية والأساليب التي استند إليها الشرع الإسلامي وتطور بناءً عليها، بل وأيضاً جميع أجزائه وتفاصيله تقريباً. فالأحكام المتعلقة بالصلاة والشعائر الدينية، وبالزكاة والصيام، وبالطهارة الدينية، وبتطهير الجسم من الدنس الذي يلحق به، تشهد على تأثير الديانة اليهودية مثلها مثل العادات والتقاليد الدينية في الحياة اليومية أو في المناسبات الخاصة – الولادة، والختان، والأعراس، والوفيات – ثم المقاطع الحقوقية للتعاليم الدينية.
بعض الاستعارات الإسلامية من الديانة اليهودية ستظهر بوضوح أكبر لو كانت لدينا معلومات أفضل عن الممارسات الدينية للفرق اليهودية المختلفة في ذلك الزمان. وذلك لأنَّ الشعائر الإسلامية لا تتطابق مع تلك الواردة في المصادر التلمودية وإنَّما مع شعائر أخرى مذكورة جانبياً فيها.
دون استباق عملٍ أكبر معدٍّ منذ زمن أطول يرمي إلى معالجة تأثير اليهودية على الشرع الإسلامي في جميع جوانبه وأجزائه، سأحاول في الصفحات التالية التحدث عن هذا التأثير فقط على تلك الأجزاء من الشرع المتعلقة بالصلاة وشعائر العبادة. والسبب في ذلك مزدوج: أوَّلاً لأنَّ هذه الأجزاء بالذات مناسبة بشكل خاص لإظهار هذه التأثيرات، وثانياً لأنَّه قد تمَّ في الآونة الأخيرة إبراز التأثير المسيحي بشكل خاص على جزء من العبادة الإسلامية ألا وهو: صلاة الجمعة. فقد كتب كارل هينريش بيكّر مقالًا فرّق فيه بنظرة نقدية سليمة، بناءً على الأخبار المتوفرة من الحديث النبوي، بين العناصر المنفردة لصلاة العيد وصلاة الجمعة، وزعم بأنَّ صلاة الجمعة متأثرة جداً بالصلاة اليومية التي يؤدِّيها المسيحيون في الكنيسة.
من المؤكد أنَّ هناك تشابهات بين الصلاة المسيحية في الكنيسة وصلاة الجمعة الإسلامية. لكن هذه التشابهات لن تلفت الانتباه عندما يقدم الدليل على تعلق أشكال العبادة الإسلامية بأشكال العبادة اليهودية، لأنَّ الصلاة المسيحية أيضاً – والصلاة المسيحية الكنسية المبكرة بشكل خاص – متأثرة بالصلاة اليهودية.
إذا ما أردنا أن نثبت تأثر الصلاة والعبادات الإسلامية بالممارسات اليهودية فلا يكفي أن نثبت فقط وجود تشابهات وتطابقات مع هذه الممارسات، بل إنَّ البرهان سيكون قد قُدِّم عندما لا تجد نقاطاً مختلفة، عند افتراض التعلق بالمسيحية، تفسيراً أو لا تجد تفسيراً كافياً لها، ولكن عند إعادتها إلى اليهودية تجد التفسير المنطقي الكامل.

معلومات إضافية

المؤلف

دار النشر

الوراق للنشر والتوزيع

المقاس

21*14