الوصف
فى ظلال الأهرام – – من أنتِ أيتها المراة ملاك أم شيطان؟
فأجابته بهدوء وبشاشة:
– فلأكن ما تشاء فلست إلا ابنة حديثة من بنات النيل ووريثة أسرار رهيبة قُبرت طويلًا في قبور الفراعنة وملوك مصر الأقدمين ، وأبغض هذا الدور الذي تلعبه إنجلترا في مصر، ولقد حضرت خصيصًا لمعارضتها وكسبًا للوقت، ولكي أشهد بأن هذا الدور مهما كانت عوامله سيمثل بعدالة وعزة نفس وكرامة أمة عظيمة نبيلة، أما غرضكم فهو غايتي، فلا تحدثني عن شيء أعلمه وسأعلمك به، وإني أعرف من هم أعداؤك على ظهر السفينة، وسيكون لك أعداء آخرون متى وطأت قدمك أرض مصر، وسأعرف عنهم الكثير متى أظلتنا معًا ظلال الأهرام، وأما أوامرك المختومة فلا تهمني لأني أعرفها جيمعها، ومتى تقابلنا عند عمود بومباي سأخبرك بكل ما سيحدث لك في الإسكندرية.
وهنا تركته وحيدًا حائرًا وعلى شفتيها ابتسامة خلابة أولاها كل منهما بمقدار إدراكه وميوله.
ولما استيقظ ملكوم كرانفورد (كينيث) في الصباح كانت الباخرة (سفنكس) راسية على بعد ألف ياردة تقريبًا من مدخل ميناء الإسكندرية، فرأى خليج اللازوردي يمتد إلى الداخل وأبصر الميناء الجديدة ومناراتها وقباب المساجد ومآذنها الاسطوانية والمنشورية الشاهقة، ثم سمع تلك الضجة المنبعثة من مئات من الزوارق.
ورأى هناك زورقًا بخاريًّا يحمل علمًا أحمرًا يتوسطه الهلال وثلاث نجوم مكتظة بضباط متطربشين، وفي مؤخرة سفنكس رأى الكونت دي سانتا مارينا يلوح له مودعًا.