الوصف
مهزلة العقل الديني – يا امة ضحكت – أغايةُ الدين أن تُحفوا شواربكم
يا أمةً ضحكت من جهلها الأمُمُ ؟
يريد أن يقول لهم: لا شيء عندكم من الدين إلا إحفاء الشوارب حتى ضحكت منكم الأمم
والبيت هذا يصدق على جميع الشعوب الملتزمة بأحكام السمات والمظاهر الدينية والتاركة المعاني السامية للأديان.
إن الصورة التي رسمها المتنبي تطالعنا اليوم مُمَوَّهةً بصورة المفتي حليق الشارب التارك لحيته الكثّة تصل إلى سُرَّته وقد شَعَّثَها بعضهم وخضّبها بعضهم بالكَتَم أو الحناء إتباعاً لأحاديث السنّة التي ورد فيها: أهينوا الشارب وأكرموا اللّحى. علماً أن رسول الله كَرِه اللحية المشعَّثة وأمر بتهذيبها وجعل طولها مقاساً بقبضة اليد . .
على أية حال فإِنَّ هذه المظاهر وغيرها كتثفين الجباه دلالةً على كثرة السجود, لا تؤذي الناس ولكن الذي يؤذيهم فتاوى مثل هؤلاء عندما يتصدرون مقاعد الأحكام الشرعية فيحللون ويكفرون حسب قياساتهم وتفسيراتهم للنصوص الدينية. والأخطر من ذلك عندما يسيِّرون المجتمع وفق هذه القياسات والتفسيرات وتكون مصائر الناس على شفا كلمة تصدر من أفواههم.
وفي هذا الكتاب سأستعرض بعض هذه الفتاوى التي سيرى القارئ أن الكثير منها مضحك وداعياً لسخرية الأمم واستهزائها من هذا الدين القويم واتهامه بالرجعية والتّحجر وما هو بذاك.
كما سأستعرض فيه جملة من التقاليد الشعبية الشائعة التي مورست منذ القدم وحتى هذا اليوم وصارت لها أحكام تكاد تشبه الأحكام الشرعية المقدسة.
وفي رأيي أن هذه الفتاوى وهذه التقاليد ستبقى فاعلة في المجتمع ما دام المجتمع منغلق الفكر على نفسه لا يقبل التنوير والتنور وأوضح دليل على ذلك هو هذه الموجة الفوضوية من الانفلات الجماعي التي أطلق عليها اسم (الربيع العربي) وقد عمّت البلدان العربية والإسلامية وتَزَعَّمَ فيها مُثَفِّنو الجباه, مهينو الشوارب مهملو اللِّحى فأخضعوا الناس بالسلاح يقتلون به من يخالف شريعتهم ويهدمون ما لا يوافق عقيدتهم من البناء العتيد, فذُبح الناس على هذه الشريعة وخُربت البلاد على هذه العقيدة وكل ذلك باسم الإسلام الذي هو إسلامهم ليس سواه. فانتظر أيها القارئ وستشهد أي مستقبل ينتظرنا إذا ما تولى هؤلاء حكمنا . . إن عصر الهمجية سيعود من جديد.