الوصف
هاتف من الأندلس – هذه قرطبة التي كانت أيام الناصر لدين الله بهجةَ الدنيا وقِبلةَ الأمم، وملتقى الشرق والغرب، وشعلة النور التي تعشو إلى ضيائها الأبصار، وتفد إليها طلاب العلم من أقاصي الأرض، لعلهم يأتون منها بقَبَسٍ أو يجدون على النار هُدَى، والتي لا تزال إلى اليوم تحتفظ بآثار مجدها القديم، وشرفها الصّميم.
هذه قرطبة في سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة، تراها فترى صفحةً عجزت الخطوب عن محْوِ سطورها، ودوحةً لم تعبَث الأعاصير إلا ببعض غصونها، وأملاً ضاحكًا لم تبكه غوابسُ الليالي، وصوتًا مُجلجلاً لم تخفته رعود الأحداث الجِسام. إنها لا تزال تروعك بجمالٍ باهرٍ وقوةٍ كامنةٍ لم تُزعزعها الدهارير!