الوصف
أخبار الخليج العربي التاريخية في مجلتي لغة العرب والعرب الهندية – تناولت كثير من الدراسات الأكاديمية في العراق، بخاصة رسائل الماجستير والدكتوراه،صحفاً ومجلات مهمة صدرت في هذه البلاد، ومن بين هذه المجلات مجلة (لغة العرب)، التي كانت موضوع الدراسة التي أعدها فاهم نعمة أدريس الياسري، و نالت درجة الماجستير من جامعة بغداد عام1989.
بيد أن هذه الدراسة جعلت من العراق موضوعها الرئيسي، دون أن تعر أي اهتمام للموضوعات التي تخص الخليج العربي، الذي حظي باهتمام غير قليل من قبل مجلة (لغة العرب).
وفي دراستنا هذه، تابعنا كل الأخبار والموضوعات التي تناولتها مجلة (لغة العرب)،وتم تصنيفها حسب الإمارات العربية الواقعة على الساحل الغربي للخليج العربي (البحرين، قطر، إمارات الساحل العربي(دبي، الشارقة، رأس الخيمة) والكويت، وأفرد قسم خاص لمسقط وعمان، لكثرة الأخبار التي وردت عنهما في هذه المجلة، فضلاً عن تكريس حقل خاص لأخبار الغوص في الخليج العربي ومواسمه.
ومن الجدير بالذكر، فأن هذه الدراسة ليست إلا تسهيلاً لمهمة الباحثين المهتمين بتاريخ الخليج العربي، إذ أن كثيراً من الأخبار والدراسات التي تناولتها هذه المجلة، لم تمتد إليها يد الباحثين بعد! فوضعنا هذه الدراسة لمساعدتهم في الوصول إليها واستخدامها، طالما أنها حوت من المعلومات والأخبار التي ليس بالمستطاع الوصول إليها بسهولة .
ونحن نتحدث عن مجلة (لغة العرب) لابد من الإشارة إلى تاريخ صدور المجلة وإغلاقها، والى أهدافها ومكانتها التاريخية.وهذه المجلة، كغيرها من المجلات والصحف العراقية الأخرى، أسست بعد إعلان الدستور العثماني عام 1908، إلا أن محاولة الاتحاديين أتباع سياسة التتريك، وسياستهم بفرض اللغة التركية على الولايات العربية، دفعت الأب أنستاس ماري الكرملي لكي يصدر مجلة (لغة العرب) لتسهم مع الصحف والمجلات التي صدرت في العراق آنذاك للحفاظ على اللغة العربية.
وقد أشار الأب الكرملي صراحة إلى ذلك في مقدمة العدد الأول الذي صدر في تموز عام 1911، إذ قال:
“إن الغاية من إنشائها أن نعرف العراق وأهله ومشاهيره، بمن جاورنا من سكان البلدان الشرقية، وبمن نأى عنا من العلماء والباحثين والمستشرقين في الأقطار الغربية”.
ذلك هو الأساس الذي أُنشأت من أجله مجلة (لغة العرب)، لخدمة العراق والأقطار العربية المجاورة، وقد كتب أحد الباحثين عن ذلك قائلاً:
” إن المجلة وان اتصفت بعراقية واضحة في موادها وكتابتها، لا يذهبن بك الظن إلى أن المجلة إقليمية، وأنها انصرفت إلى البلد انصرافاً حجب عنها أشعة تشرق في عز هذه الديار وذلك إن هذه المجلة، قد أقبل عليها أهل العلم من دنيا العرب عامة”.
والنهج الذي نحن بصدده، وقيام مجلة (لغة العرب) بنشر المقالات والبحوث الأدبية والتاريخية، ودفاعها عن اللغة العربية والمحافظة عليها، قد أثار حكومة الاتحاديين، التي وقفت ضد كل الدعوات القومية،وأخذت تتحيز الفرصة لإغلاق المجلة، فما أن اندلعت الحرب العالمية الأولى، حتى اعتقلت السلطات العثمانية الأب انستاس ماري الكرملي، و نفته إلى مدينة قيصرية في الأناضول، في الأول من تشرين الثاني عام 1914، وأُغلقت المجلة، بعد أن أتمت سنتها الثالثة، وصدر جزءان من الصفحة الرابعة. وكانت التهمة الموجهة إلى الأب الكرملي هي العمل للقضية العربية، وتحبيب اللغة العربية إلى أهلها عن طريق المجلة، ومقالاته التي ينشرها في الصحف العراقية والعربية، كما وجهت إليه تهمة الميل للبريطانيين.
بقيت المجلة مغلقة حتى عام 1926، حيث عاودت الصدور، واختار الأب الكرملي شهر تموز لأنه الشهر الذي صدرت فيه المجلة لأول مرة، واعتبر إعدادها مكملة للإعداد الأولى التي صدرت قبل الحرب. وكان مجموع ما صدر من المجلة بعد أن عاودت الصدور ست مجلدات، وبذلك بلغ مجموع ما صدر منها حتى عام 1931، تسعة مجلدات حوت مائة وعشرة أجزاء.
وصلت المجلة ذروة نجاحها في هذا الوقت، غير أن هذا النجاح كان نهاية للمجلة. فالصعوبات المالية التي واجهتها (لغة العرب) كانت أصعب من أن تتخطاها.إذ إن ارتفاع الأسعار، أدى إلى زيادة نفقات طبعها، ورافقت ذلك تلكوء المشاركين في دفع بدل الاشتراك، فتسبب ذلك في عدم قدرة المجلة على الاستمرار. وقد أشار الأب الكرملي إلى المشاكل التي واجهتها في إصدار المجلة في نهاية الجزء الثاني عشر من السنة التاسعة،وعدّ ذلك إعلانا للتوقف عن الصدور، إذ قال:
” قد عزمنا عزماً أكيداً لا يحتمل الردّ والاستئناف على إغلاق المجلة من ألان، لأننا مع مقاساتنا أتعاباً جمة ومشاقاً هائلة ناهكة، كنا نكابد خسائر باهضة طول سنين صدور المجلة، حتى لم يبق في قوسنا منـزع ولا في همتنا مكنة، نضيف إلي ذلك تضاؤل المعنيين، وقلة المعاضدين من أبناء لغة الضاد، الذين أخرجنا هذه المجلة المؤددة للتنويه بهم وبلغتهم وبتاريخهم. وقد صبرنا هذا الصبر الأيوبي، حتى أعذرنا كل معاتب ولائم، وليس على الإنسان أن يركب المستحيل ويجازف في ما تسوء عقباه”.